آسية: أحبّ أن تكونين عندى إلى أن يستغنى هذا الغلام عن الرضاع. فأقامت عند آسية سنتين حتى فطمته وفارقته مستبشرة فرحة.
وحكى الثعلبىّ أنها لم تقم عند آسية، بل أخذته وصارت إلى منزلها فأرضعته إلى أن تمّ رضاعه، وأعادته إلى آسية؛ والله أعلم.
ذكر شىء من عجائب موسى- عليه السلام- وآياته
قال: فلمّا صار موسى من أبناء ثلاث سنين، استدعاه فرعون وأجلسه فى حجره وجعل يلاعبه؛ فقبض على لحية فرعون؛ فتألّم لذلك وقال: لا شكّ أنّ هذا عدوّى. وهمّ بقتله؛ فقالت له آسية: إن الصبيان لهم جراءة ولعب من غير معرفة ولا عقل، وأنا أريك أنه لا يعقل؛ وأمرت بإحضار طست وطرحت فيه درّة وجمرة، وقدّمته إلى موسى، فأراد أن يأخذ الدرّة؛ فصرف جبريل يده عنها إلى الجمرة، فأخذها ورفعها إلى فيه، فاحترق لسانه، فقذفها من فيه وبكى بكاء شديدا؛ فقالت آسية لفرعون: علمت أنه لا يميّز بين الدرّة والجمرة؟ فسكن عند ذلك.
قال: فلمّا تمّ لموسى سبع سنين، جلس فى بعض الأيّام مع فرعون على سريره فقرصه فرعون، فغضب موسى ونزل عن السرير وضرب قوائمه برجله، فكسر قائمتين منه، فسقط فرعون عنه، وانهشم أنفه وسال الدم على لحيته؛ فبادر موسى ودخل على آسية وأعلمها بالخبر، وتبعه فرعون إليها وأراد قتله؛ فقالت: ألا يسرّك أن يكون ولدك بهذه القوّة يدفع أعداءك عنك؟ ولا طفته حتى سكن غضبه.
ثم ظهر له من المعجزات والآيات ما لا يظهر إلّا للأنبياء وفرعون يكرمه؛ والله الموفّق.