للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى فواكه الجنّة وخوفا من أن يقال له: أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا

فآثر فى جميع ذلك ما وعد به فى الجنّة على ما تيسّر له فى الدنيا عفوا صفوا، لعلمه بأن ما فى الآخرة خير وأبقى؛ وما سوى هذه فمعا ملات دنيويّة لا جدوى لها فى الآخرة أصلا. وحيث قدّمنا هذه المقدّمة من أحوال الزهد فى الحال والعلم فلنذكر بيان فضيلة الزهد وذم الدنيا.

[ذكر فضيلة الزهد وبغض الدنيا]

قال الله تعالى: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً

، فنسب الزهد الى العلماء ووصف أهله بالعلم، وذلك غاية الثناء. وقال تعالى: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا

جاء فى التفسير: على الزهد فى الدنيا. وقال تعالى: إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا

. قيل: معناه أيّهم أزهد فى الدنيا، فوصف الزهد بأنه من أحسن الأعمال. وقال تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ

. وقال تعالى: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ ...

إلى قوله: وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح وهمّه الدّنيا شتّت الله عليه أمره وفرّق عليه ضيعته وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ومن أصبح وهمّه الآخرة جمع الله له أمره وحفظ عليه ضيعته وجعل غناه فى قلبه وأتته الدنيا وهى راغمة»

. وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم العبد قد أوتى [١] منطقا وزهدا فى الدنيا فاقتربوا منه فإنه يلقّن الحكمة»

. وقال تعالى: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً

؛ ولذلك


[١] الذى فى الإحياء: «اذا رأيتم العبد وقد أعطى صمتا وزهدا فى الدنيا فاقتربوا منه فانه يلقى الحكمة» .