الباب السادس من القسم الثالث من الفنّ الثانى فى الغناء والسماع،
وما ورد في ذلك من الحظر والإباحة، وما استدلّ به من رأى ذلك؛ ومن سمع الغناء من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ومن التابعين ومن الأئمة والعبّاد والزّهاد، ومن غنّى من الخلفاء وأبنائهم والأشراف والقوّاد والأكابر، وأخبار المغنّين الذين نقلوا الغناء من الفارسيّة الى العربيّة، ومن أخذ عنهم، ومن اشتهر بالغناء وأخبار القيان.
[ذكر ما ورد في الغناء من الحظر والإباحة]
قد تكلم الناس في الغناء في التحريم والإباحة واختلفت أقوالهم وتباعدت مذاهبهم وتباينت استدلالاتهم؛ فمنهم من رأى كراهته وأنكر استماعه، واستدلّ على تحريمه؛ ومنهم من رأى خلاف ذلك مطلقا وأباحه وصمّم على إباحته؛ ومنهم من فرّق بين أن يكون الغناء مجرّدا أو أضيف اليه آلة كالعود والطنبور وغيرهما من الالات ذوات الأوتار والدفوف والمعازف والقصب، فأباحه على انفراده وكرهه إذا انضاف إلى غيره وحرّم سماع الالات مطلقا. ولكل طائفة من أرباب هذه المقالات أدلّة استدلّت بها. وقد رأينا أن نثبت في هذا الموضع نبذة من أقوالهم على سبيل الاختصار وحذف النظائر المطوّلة فنقول وبالله التوفيق.
أما ما قيل في تحريم الغناء وما استدلّ به من رأى ذلك،
فإنهم استدلّوا على التحريم بالكتاب والسنّة وأقوال الصحابة والتابعين والأئمة من علماء