ودخلها، فصادف مراكب البنادقة قد هجموا على ساحل الثغر وأسروا، فخرج إليهم، وحاربهم وهزمهم، فعادوا. «١»
[ذكر القبض على المأمون]
قال: وفى سنة تسع عشرة وخمسمائة فى يوم السّبت لأربع خلون من شهر رمضان قبض الآمر بأحكام الله على وزيره المأمون أبى عبد الله محمّد وعلى أخوته [الخمسة]«٢» وثلاثين نفرا من خواصّه وأهله، واعتقله، ولم يزل فى اعتقاله إلى سنة اثنتين وعشرين، فصلبه مع أخوته.
وقيل فى سبب ذلك إنّ المأمون راسل الأمير جعفرا، أخا الآمر، وأغراه بقتل أخيه وأنّه يقيمه مكانه فى الخلافة، واستقرّت القاعدة بينهما على ذلك، واتّصل ذلك بالشيخ أبى الحسن على بن أبى أسامة، متولّى ديوان المكاتبات، وكان خصيصا بالآمر قريبا منه، وناله من المأمون أذى كثير، فأعلم الآمر بالحال. وكان المأمون كثير التطلّع لأخبار النّاس والبحث عن أحوالهم، وكثرت الوشاة فى أيّامه.
قال ابن الأثير الجزرى فى تاريخه الكامل: كان ابتداء حال المأمون أن والده كان من جواسيس الأفضل بالعراق، فمات ولم يخلّف شيئا، فتزوّجت أمّه وتركته فقيرا فاتصل ببعض البنائين بمصر، ثم صار يحمل الأمتعة بالسّوق الكبير. فدخل مع الحمّالين إلى دار الأفضل مرّة بعد أخرى فرآه الأفضل خفيفا رشيقا، حسن الحركة، حلو الكلام والحجّة؛