للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر خبر ذهاب موسى- عليه السلام- لميقات ربه وطلبه الرؤية وخبر الصاعقة والإفاقة

حكى أبو إسحاق الثعلبىّ فى تفسير قوله تعالى: وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً.

قال: كان ذلك فى شهر ذى القعدة وعشر من ذى الحجّة.

قال: وذلك أنّ موسى- عليه السلام- كان قد وعد بنى إسرائيل وهو بمصر إذا خرجوا منها وهلك عدوّهم أن يأتيهم بكتاب فيه ما يأتون وما يذرون؛ فلمّا أهلك الله تعالى فرعون وقومه واستنقذ بنى إسرائيل من أيديهم، وأمّنهم من عدوّهم، ولم يكن لهم كتاب ولا شريعة ينتهون إليها، قالوا: يا موسى ائتنا بالكتاب الذى وعدتنا به. فسأل موسى ربّه تعالى ذلك؛ فأمره أن يصوم ثلاثين ليلة ثم يتطهّر «١» ويطهّر ثيابه ويأتى طور سيناء ليكلّمه ويعطيه الكتاب؛ فصام ثلاثين يوما؛ فلمّا صعد الجبل أنكر خلوف فمه، فاستاك بعود خرنوب.

وقال أبو العالية: أخذ من لحاء الشجر فمصّه؛ فقالت له الملائكة: كنا نشمّ من فمك رائحة المسك فأفسدته بالسواك. فأوحى الله تعالى إليه أن صم عشرة أيّام أخر، وقال له: أما علمت يا موسى أنّ خلوف فم الصائم أطيب عندى من ريح المسك؟

قال: وكانت فتنة بنى إسرائيل فى العشر ليالى التى زادها الله تعالى؛ فلما مضت أربعون ليلة تطهّر موسى وطهّر ثيابه لميقات ربّه؛ فلمّا أتى طور سيناء كلّمه ربّه وناجاه، وقرّبه وأدناه، كما قال تعالى: وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا.