قال وهب: كان بين الله تعالى وبين موسى سبعون حجابا، فرفعها كلها إلّا حجابا واحدا، فسمع موسى كلام الله تعالى واشتاق إلى رؤيته وطمع فيها، فقال ما أخبر الله- عزّ وجلّ- به عنه فى كتابه، قال الله تعالى: وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ
. فقال الله تعالى له: لَنْ تَرانِي
وليس يطيق البشر النظر إلىّ فى الدنيا، من نظر إلىّ مات. قال: إلهى سمعت كلامك فاشتقت إلى النظر إليك، ولأن أنظر إليك ثم أموت أحبّ إلىّ من أن أعيش ولا أراك. فقال له تعالى: انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ
وهو أعظم جبل يقال له:(الزّبير) .
قال: وذلك أنّ الجبال لمّا علمت أن الله تعالى يريد أن يتجلّى لجبل منها تعاظمت وتشامخت رجاء أن يتجلّى الله تعالى لها، وجعل الزّبير يتواضع من بينها فلما رأى الله تعالى تواضعه رفعه من بينها، وخصّه بالتجلّى، قال الله تعالى: وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي
. فتجلّى الله تعالى للجبل.
قال: واختلف العلماء فى معنى التجلّى؛ قال ابن عباس: ظهر نوره للجبل.
وقال الضحّاك: أظهر الله تعالى من نور الحجب مثل منخر الثور.
وقال عبد الله بن سلام وكعب: ما تجلّى من عظمة الله تعالى للجبل إلّا مثل سمّ الخياط حتى صار دكّا.
وقال السدّىّ: ما تجلّى منه إلّا قدر الخنصر.
وقال الحسن: أوحى الله تعالى إلى الجبل فقال: هل تطيق رؤيتى؟ فغار الجبل وساخ فى الأرض وموسى ينظر إليه حتى ذهب أجمع.