للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر ما تكلم به أبو بكر الصديق بعد بيعته وما قاله عمر بن الخطاب بعد البيعة الأولى وقبل البيعة الثانية العامة]

روى [١] أنس بن مالك، قال: لما بويع أبو بكر رضى الله عنه فى السّقيفة، وكان الغد، جلس أبو بكر على المنبر، فقام عمر فتكلّم قبل أبى بكر، فحمد الله، وأثنى عليه بما هو أهله، وقال:

أيها الناس، إنّى قد كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت إلّا عن رأيى، وما وجدتها فى كتاب الله، ولا كانت عهدا عهده إلينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولكن قد كنت أرى أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سيدبّر أمرنا حتى يكون آخرنا، وإنّ الله قد أبقى فيكم كتابه الّذى هدى به رسوله، فإن اعتصتم به هداكم الله لما كان هداه له، وإنّ الله قد جمع أمركم على خيركم، صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وثانى اثنين إذ هما فى الغار؛ فقوموا فبايعوا. فبايع الناس أبا بكر بيعة العامّة بعد بيعة السقيفة.

ثم تكلّم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه بالّذى هو أهله، ثم قال: أمّا بعد؛ أيها النّاس، فإنّى قد ولّيت عليكم، ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينونى، وإن أسأت فقوّمونى، الصّدق أمانة، والكذب خيانة، والضّعيف فيكم قوىّ عندى حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوىّ منكم الضعيف عندى، حتى آخذ الحق منه إن شاء الله. لا يدع قوم الجهاد فى سبيل الله، فإنّه لا يدعه قوم إلّا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة فى قوم إلّا عمّهم الله بالبلاء.


[١] تاريخ الطبرى ٣: ٢١٠.