ويكون فى موضع بغا ووصيف، فأحسّ باغر بالشر فجمع إليه الجماعة الذين كانوا وافقوه على قتل المتوكل وغيرهم، فجدّد العهد عليهم فى قتل المستعين وبغا ووصيف، وقال: نبايع على بن المعتصم أو ابن الواثق ويكون الأمر لنا كما هو لهذين، فأجابوه إلى ذلك وانتهى الخبر إلى المستعين، فبعث إلى بغا ووصيف وقال لهما: أنتما جعلتمانى خليفة ثم تريدان قتلى، فحلفا أنهما ما علما بشىء فأعلمهما الخبر، فاتفق رأيهم على أخذ باغر ورجلين من الأتراك وحبسهم، وطلبوه فأقبل فى عدة فعدل به إلى حمام وحبس فيه، فبلغ الأتراك الخبر فوثبوا على اسطبل الخليفة فانتهبوه، وركبوا ما فيه وحضروا إلى باب الجوسق بالسلاح، فأمر بغا ووصيف بقتل باغر فقتل.
[ذكر مسير المستعين إلى بغداد]
قال: ولما قتل باغر وانتهى خبر قتله إلى الأتراك أقاموا على ما هم عليه، فانحدر المستعين وبغا ووصيف وشاهك الخادم وأحمد بن صالح ودليل إلى بغداد فى حرّاقة، وركب جماعة من قواد الأتراك إلى «١» أصحاب باغر، فسألوهم الانصراف فلم يفعلوا، فلما علموا بانحدار المستعين ومن معه ندموا، ثم قصدوا دار دليل ودور أهله وجيرانه فنهبوها، حتى صاروا إلى أخذ الخشب. قال: ومنع الناس الأتراك من الانحدار إلى بغداد، فأخذوا ملاحا قد أكرى سفينته فصلبوه على دقلها، فامتنع أصحاب السفن؛ ووصل المستعين إلى بغداد لخمس خلون من المحرم من هذه السنة، فنزل على محمد بن عبد الله بن طاهر فى داره، ثم وافى القواد بغداد سوى جعفر الخياط وسليمان بن يحيى بن معاذ، وقدمها جلّة الكتّاب والعمال وبنو هاشم وجماعة من أصحاب بغا ووصيف. وبايع أولئك للمعتز وحاصروا بغداد، وكان من خلع المستعين وقتله ما نذكره فى أخبار المعتز إن شاء الله تعالى.