[ذكر وفاة الملك المعظم عيسى وشىء من أخباره وسيرته، وقيام ولده الملك الناصر داود]
وفى هذه السنة، فى يوم الجمعة مستهلّ ذى الحجة، كانت وفاة الملك المعظّم شرف الدين عيسى، بن السلطان الملك العادل: سيف الدين أبى بكر محمد، بن أيوب بن شادى- صاحب دمشق، وكانت مدة ملكه، بعد وفاة والده الملك العادل، تسع سنين وستة أشهر، إلا ثمانية أيام. ومولده بالقاهرة فى سنة ست وسبعين وخمسمائة.
وكان- رحمه الله- قد جهّز العساكر إلى نابلس، خوفا من اتفاق أخيه الملك الكامل مع الأنبرور، فمرض فى منتصف شوال واشتد به مرضه، وأصابه ذرب مفرط حتى رمى قطعة من كبده. وقيل أنه سمّ، ومات وغسّله كريم الدين الخلاطى، والنّجم يصب عليه الماء. وكان قد أوصى أن لا يدفن بقلعة دمشق، وأن يخرج إلى الميدان فيصلّى عليه ويحمل إلى قاسيون، فيدفن على تربة والدته تحت الشجرة. فلم تنفّذ وصيته، ودفن بالقلعة. ثم أخرج منها بعد مدة، لما ملك الملك الأشرف، على حالة غير مناسبة لمثله، وبين يديه نصف شمعة ومعه العزيز خليل، ودفن مع والدته فى القبّة- وفيها أخوه الملك المغيث.