للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت تمجّ من فيها إلى فم الفصيل حتّى يروى؛ فإذا كان يوم القوم أتوا البئر ونزحوا ما فيها؛ وكانت الناقة تقول إذا أصبحت: إلهى كلّ من شرب من لبنى وآمن بك وبرسولك فزده إيمانا ويقينا، ومن لم يؤمن بك وبرسولك فاجعل ما يشرب من لبنى فى بطنه داء لا دواء إنّك على كلّ شىء قدير.

[ذكر خبر عقر الناقة وهلاك ثمود]

قال: فلما كانت تدعو بذلك صار القوم إذا شربوا لبنها اعترتهم الحكّة فى أبدانهم؛ فاجتمعوا وقالوا: ليس لنا فى هذه من خير؛ وأجمعوا على عقرها؛ وكانت فيهم امرأة يقال لها: عنيزة بنت غنم بن مجلز «١» ، وتكنى أمّ غنم، وهى من بنات عبيد «٢» بن المهل، وكانت امرأة ذؤاب «٣» بن عمرو، وهى عجوز مسنّة، ولها أموال ومواش، ولها أربع بنات من أجمل النساء، وبجوارها امرأة يقال لها: صدوف بنت المحيّا بن فهر، ولها أيضا مواش كثيرة؛ فدعتا قومهما إلى عقر الناقة، فلم يجيبوهما إلى ذلك؛ فبينما صدوف كذلك إذ مرّ بها رجل يقال له الحباب «٤» - وكان مولعا بالنساء- فعرضت نفسها عليه على أن يعقر الناقة؛ فامتنع، فقالت له:

لقد جبن قلبك، وقصرت يدك. وتركته؛ وأقبلت على ابن عمّ لها يقال له:

مصدع «٥» فكشفت عن وجهها، وعرضت نفسها عليه على أن يصدقها عقر الناقة؛ فأجاب. وأقبلت صدوف إلى عنيزة فأخبرتها بذلك، ففرحت به. قالت: إلّا أنه منفرد، ولكن قومى إلى عزيز ثمود قدار، فإنه شابّ لم يتزوّج، فاعرضى عليه بناتك