للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[واستهلت سنة ست وعشرين وسبعمائة بيوم الأحد الموافق لثانى عشر كيهك من شهور القبط]

، والسلطان الملك الناصر بالوجه البحرى من الديار المصرية يتصيّد، والديار المصرية المحروسة فى غاية ما يكون من الرخاء والأسعار فى غاية الرّخص، والخبز العلامة ثمانية عشر رطلا بدرهم نقرة، والقمح الطيب الإردب بثمانية دراهم، والشعير الإردب بخمسة دراهم، والفول بستة دراهم، وسائر الحبوب رخيصة الأسعار إلى الغاية.

هذا، وقد قصّر النيل فى سنة خمس وعشرين وسبعمائة بحيث أن غالب بلاد الصعيد الأعلى صارت قليلة الرى جدا، ومع ذلك فإن الأسعار فى سائر أعمال الديار المصرية رخيصة متساوية، أو متقاربة فى الرخص.

وفى شهر المحرم من هذه السنة عاد السلطان من الوجه البحرى وتوجه إلى/ «دهشور» من الأعمال الجيزية، وعاد إلى قلعة الجبل فصعد إليها فى الساعة الثالثة من يوم الخميس ثانى عشر الشهر، وأقام بها إلى يوم السبت الحادى والعشرين من الشهر، وتوجه فى بكرة هذا النهار إلى جهة سرياقوس [١] ، ودخل الخانكاه الناصرية، ورسم بزيادة عدد القراء بها، لتكملة مائة، ثم توجه منها وعدّى إلى بر الجيزية، ورسم بإنشاء جسر بها يحبس الماء ويصرف منه إلى جهة البحيرة، وأمر الأمراء ورجال الحلقة المنصورة بعمله، فعمل فى صفر.

وتوجه السلطان إلى جهة الحمامات، وتصيد، ثم عاد إلى قلعة الجبل فى الساعة الثالثة من نهار الخميس ثانى شهر ربيع الأول، وتوجه إلى جهة سرياقوس، ثم توجه منها إلى الجيزية، ورتب من أحوال المباشرين ما نذكره، وتوجه من صفد إلى جهة الكحيليات لصيد الرخمة، فتصيد وعاد إلى قلعة الجبل فى العاشرة من يوم الثلاثاء الثانى والعشرين من شهر ربيع الأول.

ذكر وصول رسل متملّك الحبشة

وفى هذه السنة وصل إلى الأبواب السلطانية رسل متملّك الحبشة [٢] ،


[١] سرياقوس: من القرى القديمة بمصر، وهى الآن إحدى قرى مركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية، تقع على الشاطىء الشرقى لترعة الإسماعيلية فى شمالى القاهرة، وتبعد عنها مسافة ١٨ كم.
[٢] فى السلوك (٢/٢٧٠ حاشية ١) أن متملك الحبشة حينذاك هو جبرة مصقل، واسمه الأصلى «عمدة صيون» وكان حكمه من (٧١٢- ٧٤٣ هـ) وكان فى هذه الفترة يشن حروبا كثيرة ضد مسلمى الحبشة وقد أورد المقريزى هذا الخبر موجزا مشيرا إلى فحواه، ومما يذكر أن الكنيسة الحبشية كانت فى تلك الفترة تابعة لبطاركة الإسكندرية من النصارى اليعاقبة، ولم يكن يعين مطرانها إلا من طائفة الأقباط اليعاقبة بالديار المصرية، وانظر (صبح الأعشى ٥/٣٠٨) ودولة بنى قلاوون فى مصر ص ١٥٦.