أعاذل ليت البحر خمر وليتنى ... مدى الدهر حوت ساكن لجّة البحر
فأضحى وأمسى لا أفارق لجّة ... أروّى بها عظمى وأشفى بها صدرى
طوال الليالى، ليس عنّى بناضب ... ولا ناقص حتى أصير الى الحشر
[ومنهم: أبو نواس الحسن بن هانىء]
ممن اشتهر بالشراب واللهو والطرب ومنادمة القيان، وله في الخمر تشبيهات حسنة وحكايات ظريفة، نذكر هاهنا من أخباره طرفا:
حكى أن مسلم بن الوليد عاتبه وقال: يا أبا نواس، قد خلعت عذارك وأطلت الإكباب على المجون حتى غلب على لبّك وما كذلك يفعل الأدباء! فأطرق ثم قال:
فأوّل شربك طرح الرداء ... وآخر شربك طرح الإزار
وما هنّأتك الملاهى بمثل ... إمانة مجد وإحياء عار
وما جاد دهر بلذّاته ... على من يضنّ بخلع العذار
فانصرف مسلم وقد أيس من فلاحه وهو يقول: جواب حاضر، من كهل فاجر. ومما يحفظ من أخباره، ويروى من أشعاره في ذلك: أنه بلغ إخوانه عنه أنه ترك الشراب واللذّات وأخذ في الزهد والصلاة في أوقاتها فاجتمعوا إليه وأقبلوا يهنّئونه، فوضع بين يديه باطية وجعل لا يدخل اليه أحد يهنئه إلا شرب بين يديه رطلا وأنشد:
قالوا نزعت ولمّا يعلموا وطرى ... فى كلّ أغيد ساجى الطرف ميّاس
كيف النزوع وقلبى قد تقسّمه ... لحظ العيون وقرع السنّ بالكاس
لا خير في العيش إلا في المجون مع ال ... أكفاء والراح والريحان والآس