قال: ولما بويع له شغب الجند ونادوا باسم العباس بن المأمون فأرسل إليه المعتصم فأحضره فبايعه، ثم خرج العباس إلى الجند فقال: ما هذا الحب البارد! قد بايعت عمى فسكتوا، وكان المأمون قد وجّه ابنه العباس إلى طوانة، وأمره ببنائها فى هذه السنة، وجعلها ميلا فى ميل وجعل سورها على مسافة ثلاثة فراسخ «١» ، وجعل لها أربعة أبواب على كل باب حصن، فأول ما بدأ به المعتصم أن أمر بإخراب ما كان قد بنى منها، وحمل ما أطاق من السلاح والآلة التى بها، وأحرق الباقى وانصرف إلى بغداد ومعه العباس بن المأمون، فقدمها فى مستهلّ شهر رمضان من هذه السنة.
وفيها دخل كثير من أهل الجبال وهمذان وأصبهان وماسبذان وغيرها فى دين الخرميّة، وتجمعوا فعسكروا فى عمل همذان، فوجّه إليهم المعتصم العساكر، وكان منهم إسحاق بن إبراهيم بن مصعب وعفد له على الجبال فى شوّال، فسار إليهم فأوقع بهم فى أعمال همذان، فقتل منهم ستين ألفا وهرب الباقون إلى بلد الروم.
وحجّ بالناس فى هذه السنة صالح بن العباس بن محمد.
[ودخلت سنة تسع عشرة ومائتين]
[ذكر خلاف محمد بن القاسم العلوى]
فى هذه السنة ظهر محمد بن القاسم بن عمر بن على بن الحسين بن على ابن أبى طالب رضى الله عنه بالطالقان من خراسان، يدعو إلى الرضا من آل محمد صلّى الله عليه وسلّم، وكان ابتداء أمره أنه كان ملازما لمسجد النبى صلى الله عليه وسلّم حسن السيرة، فأتاه إنسان من خراسان اسمه أبو محمد كان مجاورا، فلما رآه أحبه وأعجبته طريقته، فقال له: أنت أحق بالإمامة