الله عليهما، وسلط عليهما تلك النار حتى أحرقتهما، وموسى وهارون يدفعان عنهما النار فلم يغنيا عنهما من الله شيئا؛ فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: هكذا أفعل بمن عصانى ممّن يعرفنى، فكيف أفعل بمن لا يعرفنى، والله أعلم.
[ذكر ما أنعم الله تعالى به على بنى إسرائيل بعد خروجهم من مصر]
قال الله عز وجل: وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ.
قال أبو إسحاق الثعلبىّ: اختلفوا فى معنى الملوك؛ فروى عن أبى سعيد الخدرى- رضى الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«كانت بنو إسرائيل إذا كان لأحدهم خادم وامرأة فهو ملك» .
وقال أبو عبد الرحمن الحبلىّ: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص- وسأله رجل فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ - فقال له عبد الله: ألك امرأة تأوى إليها؟ قال: نعم. قال: ألك مسكن تسكنه؟ قال: نعم. قال: فأنت من الأغنياء. قال: وإنّ لى خادما. قال: فأنت من الملوك.
وقال الضحّاك: كانت منازلهم واسعة، فيها مياه جارية، فمن كان مسكنه واسعا وفيه ماء جار فهو ملك.
وقال قتادة: وكانوا أوّل من ملك الخدم، وأوّل من سخّر لهم الخدم من بنى آدم.
وقال السدّىّ: يعنى وجعلكم أحرارا تملكون أنفسكم بعد ما كنتم فى أيدى القبط بمنزلة أهل الجزية، فأخرجكم الله تعالى من ذلك الذلّ.
وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ