للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أما الفصاحة والبلاغة،]

فقد تقدّم الكلام فيهما فى أوّل الباب، فلا فائدة فى إعادته.

وأما الحقيقة والمجاز-

فالحقيقة فى اللّغة فعيلة بمعنى مفعولة، من حقّ الأمر يحقّه بمعنى أثبته، أو من حققته إذا كنت منه على يقين. والمجاز من جاز الشىء يجوزه إذا تعدّاه، فإذا عدل بالّلفظ عما يوجبه أصل اللّغة وصف بأنه مجاز على أنهم قد جازوا به موضعه الأصلىّ، أو جاز هو مكانه الذى وضع فيه أوّلا، لأنه ليس بموضع أصلىّ لهذا الّلفظ ولكنّه مجازه ومتعدّاه يقع فيه كالواقف بمكان غيره ثم يتعدّاه [إلى] مكانه الأصلىّ. ولهما حدود فى المفرد والجملة، فحدّهما فى لامفرد: أن كل كلمة أريد بها ما وضعت له فهى حقيقة، كالأسد للحيوان المفترس، ولايد للجارحة ونحو ذلك. وإن أريد بها غيره لمناسبة بينهما فهى مجاز، كالأسد للرّجل الشجاع واليد للنّعمة أو للقوّة، فإن النعمة تعطى باليد، والقوّة تظهر بكمالها فى اليد. وحدّهما فى الجملة: أن كلّ جملة كان الحكم الذى دلّت عليه كما هو فى العقل «١» فهى حقيقة كقولنا: خلق الله الخلق؛ وكلّ جملة أخرجت الحكم المفاد بها عن موضعه فى العقل بضرب من التأويل فهى مجاز، كما إذا أضيف الفعل إلى شىء يضاهى الفاعل، كالمفعول به فى قوله عزّ وجلّ: فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ*

ومِنْ ماءٍ دافِقٍ

؛ أو المصدر، كقولهم:

شعر شاعر؛ أو الزمان، كقول النعمان بن بشير لمعاوية:

وليلك عمّا ناب قومك نائم؛

أو المكان، كقولك: طريق سائر؛ أو المسبّب، كقولهم: بنى الأمير المدينة؛ أو السبب، كقوله تعالى: وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً

. فمجاز المفرد