وأكثر الشعراء القول فى ذلك، فقال بعض أهل العلم- يشير إلى الملك المعظم- من أبيات:
فى رجب حلّل الحميّا ... وأخرب القدس فى المحرّم!
[ذكر استيلاء الفرنج على دمياط]
كان استيلاء الفرنج على ثغر دمياط فى يوم الثلاثاء، لخمس بقين من شعبان سنة ست عشرة- وقيل لثلاث بقين منه.
وذلك أنهم كانوا قد أحاطوا بها برا وبحرا، ومنعوا الميرة عن أهلها، حتى هلكوا من الجوع، ومات أكثرهم. وعدمت الأقوات، وغلت الأسعار حتى بيع السكر بزنته ذهبا، والدجاجة بثلاثين دينارا، والبيضة بدينار، وبيعت بقرة بألف وستمائة دينار، واشترط البائع أن يكون له بطنها ورأسها، فباع ذلك بمائة دينار وأربعة عشر دينارا مصرية- على ما حكاه ابن جلب راغب فى تاريخه.
قال: فلما اشتد بهم ذلك، بذل لهم الفرنج الأمان على أنهم يخرجون منها ويتسلمها الفرنج، فأجابوه إلى ذلك، وخرج الناس منها. وبقى من عجز عن الحركة، فأسرهم الفرنج، وحملوا فى المراكب إلى عكا. فكانت مدة الحصار على ثغر دمياط ستة عشر شهرا، واثنين وعشرين يوما. وكان السلطان إذا أراد أن يرسل إلى دمياط أرسل العوامين، فيحملون الكتب ويغطسون فى الماء، ويطلعون من تحت سور دمياط. فلما أحسن الفرنج بذلك، عملوا شباكا وخطاطيف من دمياط إلى البر الغربى، وثبتوا ذلك فى