وخطب له فى جميع البلاد. وأخرج من الأموال شيئا كثيرا «١» فى ذلك اليوم.
[ذكر استعمال عبد المؤمن أولاده على البلاد وأعماله]
وفى سنة إحدى وخمسين أيضا «٢» ، استعمل عبد المؤمن أولاده على البلاد والأعمال، فجعل ابنه أبا محمد عبد الله على بجاية وأعمالها، وأبا حفص عمر على مدينة تلمسان وأعمالها، وأبا الحسن عليا على مدينة فاس وأعمالها، وأبا سعيد «٣» على سبتة والجزيرة الخضراء ومالقة.
ولقد سلك عبد المؤمن فى استعمالهم من حسن السياسة وجميل التدبير طريقا عجيبا يستدل به على جودة رأيه، وتوصّله إلى مقاصده بأحسن صورة وأجمل طريقة. وذلك أنه كان قد استعمل على الأعمال شيوخ الموحدين المشهورين من أصحاب المهدى، فكان يتعذر عليه أن يعزلهم. فأخذ أولادهم وتركهم عنده، وأشغلهم بالعلوم. فلما مهروا فيها، قال لآبائهم:«إنى أريد أن تكونوا عندى أستعين بكم على ما أنا بصدده وتكون أولادكم فى أعمالكم» .
فأجابوا إلى ذلك وفرحوا به، فاستعمل أولادهم. ثم وضع عليهم من يعتمد عليه منهم فقال لهم:«إنى أرى أمرا عظيما قد فعلتموه فارقتم فيه الحزم والأدب» . فقالوا:«وما هو؟» قال: «أولادكم