صاحب طرابلس قد أخرجه الروم لشدّة ظلمه، فقصد عرقة فأخذه الرّوم وجميع ماله، وقصد ملك الروم حمص وكان أهلها قد انتقلوا عنها وأخلوها، فأحرقها الروم ورجع إلى بلد الساحل، فأتى عليها نهبا وتخريبا وملك ثمانية عشر شهرا وما لا يحصى من القرى، وأقام بالشام شهرين يقصد أى موضع شاء ويخرب ما شاء فلا يمنعه أحد، وعاد إلى بلاده ومعه من السّبى نحو مائة ألف رأس ولم يأخذ إلا الصّبيان والصبايا والشباب، وأما الكهول والشيوخ والعجائز فمنهم من قتله ومنهم من أطلقه، وسيّر سريّة إلى بلد الجزيرة فبلغوا كفر توثا وتعصبوا وسبوا وأحرقوا وعادوا.
[ذكر ملك الروم مدينة أنطاكية]
وفى سنة تسع وخمسين وثلاثمائة ملك الروم مدينة أنطاكية، وسبب ذلك أنهم حصروا حصنا بالقرب منها يقال له حصن لوقا، فوافقوا أهله وهم نصارى على أن يرتحلوا منه إلى أنطاكية، ويظهر أنهم/ انتقلوا منه خوفا من الروم فإذا صاروا بأنطاكية أعانوهم على فتحها. وانصرف الرّوم عنهم بعد هذا التقرير، وانتقل أهل الحصن ونزلوا بأنطاكية بالقرب من الجبل الذى بها. فلما كان بعد انتقالهم بشهرين وافى الروم مع أخى نقفور وكانوا نحو أربعين ألف رجل، فأحاطوا بالسور وصعدوا الجبل إلى الناحية التى بها أهل الحصن فأخلوا لهم السور، فملكه الروم وملكوا البلد ووضعوا السيف فى أهله، ثم أخرجوا العجائز والأطفال والمشايخ من البلد وقالوا لهم: اذهبوا حيث شئتم! وأخذوا الشباب من الرجال والنساء