للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[واستهلت سنة [٩٣] ست عشرة وسبعمائة بيوم الجمعة]

فى هذه السنة فى يوم السبت الثالث والعشرين من المحرم الموافق للثانى والعشرين من برمودة من شهور القبط بعد العصر سمع بالقاهرة هدّة عظيمة تشبه الصاعقة ورعد وبرق، ووقع مطر كثير وبرد على قلعة الجبل والقاهرة وضواحيها ولم يكن مثل ذلك بمصر، وقع مطر كثير بمدينة بلبيس حتى خرّب كثيرا من البنيان بها، وكان ذلك كلّه فى مضىّ ساعة ونصف ساعة.

وفى هذه السنة فوّض قضاة القضاء الحنابلة

بدمشق إلى شمس الدين أبى عبد الله محمد ابن الشيخ الصالح محمد بن مسلم بن مالك ابن مزروع [١] الحنبلى أعاد الله من بركته ووصل إليه بتقليد القضاء من الأبواب السلطانية فى يوم السبت ثامن صفر، وقرئ بجامع دمشق بحضور القضاة والأعيان، وخرج القاضى شمس الدين المذكور من الجامع ماشيا إلى دار السعادة، فسلم على نائب السلطنة ثم نزع الخلعة السلطانية وتوجّه إلى جبل الصالحية، وجلس للحكم فى سابع عشر صفر وما غير هيئته ولا عادته فى مشيه وحمل حاجته، ويجلس للحكم على مئزر غير مبسوط، بل يضعه [٢] بيده ويجلس عليه، ويكتب فى محبرة زجاج، ويحمل نعله بيده فيضعه على مكان، وإذا قام من مجلس الحكم حمله بيده أيضا حتى يصل إلى آخر الإيوان فيلقيه ويلبسه، هكذا أخبرنى من أثق بأخباره، واستمر على ذلك، وهذه عادة السلف.

[ذكر حادثة السيول والأمطار [٣] ببلاد الشام وما أثر [٤] ما وقع من العجائب التى لم تعهد]

وفى هذه السنة فى أوائل صفر وقع بالشام مطر عظيم على جبال قارا [٥] وبعلبك، وعلى مدينة حمص والمناصفات، وامتد إلى بلاد حماه، وحلب، وسقط مع المطر برد كبار، البردة منها قدر النارنجة وأكثر منها وأصغر، ووزن بعضها بعد يومين أو ثلاثة فكان وزن البردة ثلاث أواقى [٦] بالشامى، وجرى من ذلك


[١] انظر ترجمته فى ذيول العبر ص ١٤١، ١٤٩، والبداية والنهاية ١٤: ١٢٦، والدرر الكامنة ٤: ٢٥٨، وشذرات الذهب ٦: ٧٣، وقد توفى فى سنة ٧٢٦ هـ.
[٢] كذا فى ك، وف. وفى ص «بل نصفه فى يده» .
[٣] فى ص «ذكر حادثة الأمطار والسيول» بالتقديم والتأخير.
[٤] كذا فى ك، وف. وفى ص «وما أمل» .
[٥] جبال قارا وبعلبك تقع فى الطريق بين حمص ودمشق (معجم البلدان) .
[٦] كذا فى الأصول.