للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر مسير طالوت بالجنود وخبر النهر الذى ابتلوا به]

قالوا: فلمّا أقرّوا بملك طالوت سألوه أن يغزو بهم، وهم يومئذ سبعون ألف مقاتل. وقيل: ثمانون ألفا لم يتخلّف عنه إلّا كبير لهرمه أو مريض لمرضه أو ضرير لضرّه أو معذور لعذره؛ وذلك أنهم لما رأوا التابوت قالوا: قد أتانا التابوت، وهو النصر لا شكّ فيه؛ فسارعوا إلى الجهاد، فقال طالوت: لا حاجة لى فى كل ما أرى، لا يخرج معى رجل بنى بناء لم يفرغ منه، ولا صاحب تجارة مشتغل بها، ولا رجل عليه دين، ولا رجل تزوّج بامرأة ولم يبن بها؛ ولا يتبعنى إلّا الشابّ النشيط الفارع «١» . فاجتمع له ثمانون ألفا على شرطه- وكانوا فى حرّ شديد- فشكوا قلّة المياه فيما بينهم وبين عدوّهم، وقالوا: إنّ المياه لا تحملنا، فادع الله تعالى أن يجرى لنا نهرا. فقال لهم طالوت: إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي

أى من أهل دينى وطاعتى؛ وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي

؛ ثم استثنى فقال: إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ.

قال الكسائىّ: لمّا سألوه أن يجرى لهم نهرا قال: أفعل- إن شاء الله- وسار بهم حتى إذا كانوا فى بريّة وفقدوا الماء وأجهدهم العطش، أتوه، فدعا أن يجرى الله تعالى لهم نهرا؛ فأوحى الله إليه ما أخبر به فى كتابه؛ قال الله تعالى:

فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ

«٢» الآية. قال: وهو نهر الأردنّ من بلاد فلسطين. وقال الثعلبىّ: قال ابن عبّاس والسّدّىّ: هو نهر فلسطين. وقال قتادة والربيع: هو نهر بين الأردنّ وفلسطين، عذب. قال الكسائىّ: قالوا: وما تغنى عنّا الغرفة ثم عرض لهم النهر فانهمكوا فى شربه. قال الله تعالى: فَشَرِبُوا مِنْهُ