للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانى؛ فدعاه يوسف إلى الإسلام، فأبى، وكان جبّارا، وقبض الله تعالى يوسف فى ملكه، وطالت أيّام ملكه، ثم هلك؛ وقام بعده بالملك بعده أخوه أبو العباس الوليد ابن مصعب، ولم يذكر خلاف ذلك.

وقد قيل فى اسمه ونسبه وسبب ملكه غير ذلك، وسيرد- إن شاء الله تعالى- فى أخبار ملوك مصر الفراعنة ما ستقف عليه هناك- إن شاء الله تعالى- والله أعلم.

[ذكر خبر آسية بنة مزاحم وزواج فرعون بها]

قال: وكانت آسية بنة مزاحم من الصدّيقات، وهى مختلف فى نبوّتها ولا خلاف أنّها صدّيقة؛ وكانت بارعة الجمال؛ فبلغ فرعون خبرها وجمالها، فأرسل إلى أبيها مزاحم (أن ابعث إلىّ بآسية فإنها أمتى) . فدخل على فرعون وقال: إن ابنتى صغيرة لا تصلح. فكذّبه فرعون وقال: قد عرفت وقت ولادتها. فقال:

أيها الملك، فاجعل لها مهرا. فغضب فرعون وقال: احملها إلىّ، فإن رضيتها أكرمتها، وإلّا رددتها إليك. فقال له عمران: أيها الملك، لا تفضحنى فى ابنة أخى، ولكن أكرمها بخلعة ومهر. فأجابه إلى ذلك؛ فانصرف مزاحم وأخبر آسية بذلك وقال: إن امتنعت يكون ذلك هلاكى وهلاكك. قالت فكيف تكون مؤمنة عند كافر؟ فلم يزل بها حتى أجابت على كره منها؛ وحمل إليها فرعون عشرة آلاف أوقية من الذهب. ومثل ذلك من الفضّة، وجملة من أنواع الثياب والطّرف؛ وحملت إلى فرعون، فحماها الله منه حتى رضى منها بالنظر. وكان فرعون قد رأى قبل ذلك من الآيات ما دلّه على أن زوال ملكه يكون على يد فتى من بنى إسرائيل؛ فقال: ائتونى بعمران لأنه كبير فيهم لأصطنع إليه وإليهم معروفا. فأتى به، فخلع عليه وتوّجه، وجعله سيّد وزرائه، حتى كان هامان وغيره يحسدونه.