الباب الرابع من القسم الثالث من الفن الخامس فى قصة ذى النّون يونس بن متّى عليه السلام وخبر بلوقيا
ذكر قصة ذى النّون يونس بن متّى عليه السلام
قال الكسائىّ رحمه الله قال وهب بن منبّه: كان متّى رجلا صالحا من أهل بيت النبوّة، ولم يرزق الولد الى آخر عمره بعد أن أسنّ هو وزوجته، فسأل الله تعالى الولد، فنودى: إنّ الله قد استجاب دعاءك، فانطلق إلى حضيرة التوبة، وهو الموضع الذى أمر الله تعالى بنى إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم فيه لمّا عبدوا العجل. فصار إلى هناك وإذا بملك قد هبط من السماء فضرب قبة على باب حضيرة التوبة، وذلك فى ليلة عاشوراء، وأمرهما أن يدخلاها فدخلا وواقعها، فحملت بيونس، ثم انصرفا إلى منزلها. فلمّا صار لها أربعة أشهر توفّى متّى وبقيت امرأته أرملة ليس لها إلّا قصعة كانت لآل هارون، فكانت تصيب رزقها فى المساء والصباح من عند الله. فلمّا وضعت يونس لم يكن لها لبن يكفيه، فكانت أمّه تأتى إلى الرّعاة وتسألهم اللبن فلا يجيبونها، فكانت تقول: اللهمّ هذا الولد هبتك فلا تهلكه جوعا، فكانت المواشى تأتيه وتمجّ «١» عليه بضرعها حتى يشبع، فإذا شبع يقول: الحمد لله «٢» ، فآمن به جماعة من الرّعاة، فبقى كذلك حتى فطمته أمه،