كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب

سنة ست وخمسين ذكر البيعة ليزيد بن معاوية بولاية العهد - ذكر من وفد إلى معاوية من أهل الأمصار فى شأن البيعة. وما تكلم به بعضهم وبيعة أهل العراق والشام ليزيد - ج: 20 - ص: 353

ذكر من وفد الى معاوية من أهل الأمصار فى شأن البيعة. وما تكلم به بعضهم وبيعة أهل العراق والشام ليزيد

قال: وكان معاوية قد كتب إلى عمّاله بتقريظ يزيد ووصفه، وأن يوفدوا إليه الوفود من الأمصار، فكان فيمن أتاه محمد بن عمرو [١] بن حزم من المدينة، والأحنف بن قيس فى وفد أهل البصرة، فقال محمد بن عمرو لمعاوية: إن كل راع مسئول عن رعيته فانظر من تولّى أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فأخذ معاوية يهتز [٢] حتى جعل يتنفّس فى يوم شات [٣] ، ثم وصله وصرفه.

وأمر معاوية الأحنف بن قيس أن يدخل على يزيد فدخل عليه، فلما خرج من عنده قال له: كيف رأيت ابن أخيك؟ قال: رأيت شبابا ونشاطا وجلدا ومزاحا.

ثم إن معاوية قال للضحاك بن قيس الفهرى لما اجتمع الوفود عنده: إنى متكلم فإذا سكتّ فكن أنت الذى تدعو إلى بيعة يزيد وتحثنى عليها، فلما جلس معاوية للناس تكلمّ فعظّم أمر الإسلام وحرمة الخلافة وحقها، وما أمر الله تعالى به من طاعة ولاة الأمر، ثم ذكر يزيد وفضله وعلمه بالسياسة، وعرض ببيعته.

فعارضه الضحاك، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «يا أمير

---

[١] كذا جاء فى الكامل وكتب الصحابة، وجاء فى المخطوطة «عمر» .
[٢] كذا جاء فى الأصل، والذى فى الكامل «بهر» وهو بضم الباء ما يعترى الإنسان عند السعى الشديد والعدو من التهييج وتتابع النفس.
[٣] فى العقد الفريد ج ٤ ص ٣٦٩: «فأخذ معاوية بهر حتى تنفس الصعداء وذلك فى يوم شات» .