كان ابتداء أمرهم- على ما حكاه عز الدين أبو محمد عبد العزيز ابن شداد بن الأمير تميم بن المعز بن باديس فى تاريخه المترجم «بالجمع والبيان فى أخبار المغرب والقيروان» بسند يرفعه إلى القاضى أبى الحسن على بن فنون قاضى مراكش: أن رجلا من قبيلة جدّالة من كبرائهم اسمه الجوهر أتى «١» من الصحراء إلى بلاد المغرب طالبا للحج، وذلك فى عشر الخمسين وأربعمائة «٢» . وكان مؤثرا للدين، محبا فى الخير، مكرما للصالحين. فمر بفقيه يقرأ عليه مذهب الإمام مالك بن أنس وحوله جماعة. قال: والغالب أنه أبو عمران قاضى القيروان «٣» . فآوى إليه وأصغى إلى ما يذكر فى مجلسه من علم الشريعة.
فأحب سماعه وأناب إليه قلبه. ثم استمر فى وجهته إلى الحج وقد أثر ذلك فى نفسه.
فلما حج وانصرف قصد المسجد الذى كان فيه الفقيه، وسمع الكلام فيما تقتضيه ملة الإسلام من الفرائض والسنن والأحكام.
فقال الجوهر: «يا فقيه، ما عندنا فى الصحراء من هذا الذى