فقال الفقيه:«فاحمل معك «٢» من يعلمهم عقائد ملتهم وكمال دينهم» . فقال له الجوهر:«فابعث معى أحد الفقهاء، وعلىّ حفظه وبره وإكرامه» . وكان للفقيه ابن أخ اسمه عمر، فقال له:
«اذهب مع هذا السيد إلى الصحراء فعلّم القبائل بها ما يجب عليهم من دين الإسلام، ولك الثواب الجزيل من الله عز وجل، والذكر الجميل من الناس» فأجابه إلى ذلك. فلما أصبح عمر من الغد جاء إلى عمه فقال له:«أعفنى من الدخول إلى الصحراء فإن أهلها جاهلية «٣» ، قد ألفوا سيرا نشئوا عليها فمتى نقلوا عنها قتلوا من أمرهم بخلافها» . وكان من طلبة الفقية رجل يقال له عبد الله بن ياسين الكزولى فرأى الفقيه وقد عزّ عليه مخالفة ابن أخيه، فقال:«يا فقيه، أرسلنى معه والله المعين» . فأرسله معه «٤» . وتوجها إلى الصحراء. وكان عبد الله بن ياسين فقيها عالما ورعا دينا شهما قوى النفس حازما ذا رأى وصبر وتدبير حسن.
فدخل «٥» الجوهر وعبد الله بن ياسين إلى الصحراء. فانتهوا إلى قبيلة لمتونة، وهى على ربوة عالية. فلما رأوها نزل الجوهر عن جمله، وأخذ بزمام جمل عبد الله بن ياسين تعظيما لدين الاسلام. فأقبلت أعيان لمتونة وأكابرهم للقاء الجوهر والسلام عليه. فرأوه يقود الجمل فسألوه عنه فقال: «هو حامل سنة