للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم نشر الله تعالى رحمته، وبسط نعمته، وأتاح منّته، وأزاح محنته. فبعث الرياح لواقح، وأرسل الغمام سوافح؛ بماء يتدفّق، ورواء غدق، من سماء طبق. استهلّ جفنها فدمع، وسمح دمعها فهمع، وصاب وبلها فنقع. فاستوفت الأرض ريّا، واستكملت من نباتها أثاثا وريّا؛ فزينة الأرض مشهوره، وحلّة الزهر منشوره، ومنّة الرب موفوره؛ والقلوب ناعمة بعد بوسها، والوجوه ضاحكة إثر عبوسها؛ وآثار الجزع ممحوّه، وسور الشكر متلوّه؛ ونحن نستزيد الواهب نعمة التوفيق، ونستهديه فى قضاء الحقوق إلى سواء الطريق؛ ونستعيذ به من المنّة أن تعود فتنه. والمنحة أن تصير محنه! والحمد لله رب العالمين!

٩- ذكر شىء مما وصف به الثلج والبرد

قال أبو الفتح كشاجم:

الثّلج يسقط أم لجين يسبك، ... أم ذا حصى الكافور ظلّ يفرّك؟

راحت به الأرض الفضاء كأنّها ... فى كلّ ناحية بثغر تضحك!

شابت ذوائبها فبيّن ضحكها ... طربا وعهدى بالمشيب ينسّك!

وتردّت الأشجار منه ملاءة ... عمّا قليل بالرّياح تهتّك!

وقال أيضا:

ثلج وشمس وصوب غادية ... فالأرض من كلّ جانب غرّه!

باتت. وقيعانها زبرجدة. ... فأصبحت قد تحوّلت درّه!

كأنها والثّلوج تضحكّها ... تعار ممن أحبّه ثغره!

شانت فسرّت بذاك وابتهجت ... وكان عهدى بالشّيب يستكره!