وكان عزّ الدين زلفندار مقدّم العسكر الموصلى قليل المعرفة بالحروب، فجعل أعلام صاحبه فى وهدة من الأرض لا يراها إلا من هو بالقرب منها فلما لم يرها النّاس ظنّوا أن سيف الدّين غازى قد انهزم، وانهزموا لا يلوى الأخ على أخيه. ولم يقتل من العسكر على كثرته غير رجل واحد. وانهزم سيف الدّولة إلى الموصل وترك أخاه عزّ الدّين بحلب «١» .
قال العماد الأصفهانى: إن سيف الدّين غازى كان فى عشرين ألف فارس؛ وخطّأه ابن الأثير الجزرى فى ذلك وقال إن أخاه مجد الدّين أبا السّعادات المبارك كان يتولّى كتابة الجيش، وأنه وقف على جريدة العرض فكانت ستّة آلاف «٢» .
وإن جمعنا بين قوليهما فنقول: إنّ الجريدة الّتى وقف عليها ابن الأثير كانت للجيش المختصّ بسيف الدّين غازى خاصّة، والّذى نقله العماد الأصفهانى عن جميع ما صحبه من سائر الجيوش الحلبية والحصفية، والماردينيّة، والله أعلم.
[ذكر ما ملكه الملك الناصر من بلاد الملك الصالح بعد هذه الوقعة]
قال المؤرّخ: لمّا استولى الملك النّاصر على أثقال العسكر الموصلىّ وغنمها، واتّسع هو وعسكره بها، سار إلى بزاعة «٣» ، فحصرها وملكها «٤» بعد قتال من بقلعتها، وجعل بها من يحفظها. ثمّ