العشاء الآخرة، وغلق باب القلعة. وانقلب موكب الصاحب، إلى جهة باب السلطان، وجاء القضاة ووقفوا على بغالهم، بظاهر باب الإسطبل السلطانى، ولم ينصرفوا حتى خرج وركب، وساقوا فى خدمته، إلى داره على عادتهم، لم يخلوا بها. وكان لا ينتصب قائما ليعض أكابرهم، ولم ينتظم هذا لوزير قبله.
ولما عظم موكبه، وبقى الأكابر، يزدحمون فى شوارع القاهرة، ويضيق بهم لكثرة من معه، ويزدحم الغلمان، انتقل إلى القرافة، وسكنها بسبب ذلك «١» . ثم كان من أمره ما نذكره، إن شاء الله تعالى فى موضعه.
ذكر القبض والإفراج على من نذكر من الأمراء، وعنه «٢»
وفى يوم الجمعة، سابع صفر، أمر السلطان بالقبض على الأمير شمس الدين سنقر الأشقر، والأمير سيف الدين جرمك الناصرى، وعدّد لهما ذنوبا كثيرة.
وكان مما عدّه على الأمير شمس الدين سنقر الأشقر، أن قال هذا ما أحسن إليه أحد، إحسان طرنطاى، فإنه ما زال يدافع عنه السلطان [المنصور «٣» ] ويمنعه من القبض عليه، إذا أراده. ويقول له، والله لا يقبض عليه، حتى يقبض على قبله. ووفى له طرنطاى بما عاهده عليه، بصهيون، لما استنزله منها. ولم يرع له حق هذا الإحسان العظيم والذب عنه. وكان [هو «٤» ] أكبر أسباب القبض عليه، فإنه أفشى سره.