للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر أخبار يحيى بن مرزوق المكّىّ

هو أبو عثمان يحيى بن مرزوق المكىّ، مولى بنى أميّة، وكان يكتم ذلك لخدمته للخلفاء من بنى العبّاس؛ وكان إذا سئل عن ولائه انتمى الى قريش، ولم يذكر البطن الذى ولاؤه له، ويستعفى من يسأله عن ذلك.

قال الأصفهانىّ:

وعمّر يحيى المكىّ مائة وعشرين سنة، وأصاب بالغناء ما لم يصبه أحد من نظرائه ومات وهو صحيح العقل والسمع والبصر. وكان قدم مع الحجازيّين الذين قدموا على المهدىّ في أوّل خلافته فبقى بالعراق. وكان ابن جامع وإبراهيم الموصلىّ وفليح يفزعون اليه في الغناء القديم فيأخذونه عنه، ويعابى بعضهم بعضا بما يأخذونه منه. فإذا خرجت لهم الجوائز أحذوه «١» منها ووفّروا نصيبه. وله صنعة عجيبة نادرة متقدّمة. قال: وله كتاب في الأغانى ونسبها وأجناسها كبير جليل مشهور، إلّا أنّه كالمطروح عند الرواة لكثرة تخليطه في رواياته؛ والعمل على كتاب ابنه أحمد، فإنه صحّح كثيرا مما أفسده وأزال ما عرفه من تخاليط أبيه، وحقّق ما نسبه من الأغانى الى صانعه. قال: وهو يشتمل على نحو ثلاثة آلاف صوت.

قال أحمد بن سعيد:

كانت صنعة يحيى ثلاثة آلاف صوت، منها زهاء ألف صوت لم يقاربه فيها أحد. وسئل ابنه أحمد عن صنعة أبيه فقال: الذى صحّ عندى منها ألف صوت وثلاثمائة صوت، منها مائة وسبعون صوتا، غلب «٢» فيها على الناس جميعا من تقدّم منهم و [من «٣» ] تأخّر، فلم يقم له أحد فيها.