وتبعته الفيلة فخرقت صفوف الأعاجم. واقتتل الفريقان حتّى المساء وهم على السّواء، فلما أمسى النّاس اشتدّ القتال، وصبر الفريقان فخرجا على السّواء. ثم كانت ليلة الهرير. والله سبحانه وتعالى أعلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلّى الله على سيدنا محمد.
[ذكر ليلة الهرير]
قيل:[١] وإنّما سمّيت بذلك لتركهم الكلام، وإنّما كانوا يهرّون هريرا، وهى الّليلة الّتى تلى يوم عماس. قال: وخرج مسعود بن مالك الأسدىّ، وعاصم بن عمرو، وقيس بن هبيرة وأشباههم، فطاردوا القوم، فإذا هم لا يشدّون ولا يريدون غير الزّحف، فقدّموا صفوفهم، وزاحفهم النّاس بغير إذن سعد، فكان أوّل من زاحفهم القعقاع، فقال سعد: الّلهم اغفرها له وانصره، قد أذنت له إذ لم يستأذنّى. ثم قال: أرى الأمر ما فيه هذا، فإذا كبّرت ثلاثا فاحملوا، فكبّر واحدة، فحملت أسد ثم النّخع، ثم بجيلة، ثم كندة، وسعد يقول عند حملة كلّ منهم: الّلهم اغفرها لهم، وانصرهم؛ ثم زحف الرؤساء، ورحا الحرب تدور على القعقاع، ولمّا كبّر الثّالثة لحق النّاس بعضهم بعضا، وخالطوا القوم، فاستقبلوا اللّيل بعد ما صلّوا العشاء، واقتتلوا ليلتهم إلى الصّباح، فلمّا كان عند الصّبح انتهى النّاس، فاستدلّ سعد بذلك على أنّهم الأعلون.