للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر استعمال سعيد بن عثمان بن عفان على خراسان وغزوه]

فى هذه السنة استعمل معاوية سعيد بن عثمان بن عفان على خراسان وعزل ابن زياد عنها، وكان سبب ذلك أنه سأل معاوية أن يستعمله على خراسان، فقال: إن بها عبيد الله بن زياد. فقال: «والله لقد اصطنعك أبى حتّى بلغت باصطناعه المدى الذى لا تجارى إليه ولا تسامى، فما شكرت بلاءه ولا جازيته [بآلائه] [١] ، وقدّمت [علىّ] هذا- يعنى يزيد- وبايعت له، والله لأنا خير أبا وأمّا ونفسا!» فقال معاوية:

أمّا بلاء أبيك فقد يحقّ علىّ الجزاء به، وقد كان من شكرى لذلك أنّى طلبت بدمه، وأمّا فضل أبيك على أبيه فهو والله خير منّى، وأمّا فضل أمّك على أمّه فلعمرى امرأة من قريش خير من امرأة من كلب [٢] ، وأمّا فضلك عليه فو الله ما أحبّ أن الغوطة [٣] ملئت به رجالا مثلك!» فقال له يزيد: «يا أمير المؤمنين، ابن عمّك، وأنت أحقّ من نظر فى أمره، قد عتب عليك فأعتبه [٤] » . فولّاه حرب خراسان، وولّى إسحاق ابن طلحة [٥] خراجها، فمات إسحاق بالرّىّ فولّى سعيد حربها وخراجها.


[١] الزيادة من تاريخ الطبرى ج ٤ ص ٢٢٦.
[٢] أم سعيد بن عثمان هى فاطمة بنت الوليد بن المغيرة المخزومية القرشية، وأم يزيد ابن معاوية هى ميسون بنت مجدل بن أنيف الكلبية.
[٣] الغوطة: الكورة التى منها دمشق، وهى معروفة ببساتينها.
[٤] الإعتاب: الإرضاء.
[٥] كان إسحاق ابن خالة معاوية.