وجاءه التنزيل والفرقان ... فاتبعه لا تحتالك الأوثان
فقلت: يا خالة! إنك لتذكرين ما قد وقع ذكره في بلدتنا فأثبتيه لى، فقالت:
إن محمد بن عبد الله رسول من عند الله، جاء بتنزيل الله، يدعو الى الله، مصباحه مصباح، وقوله صلاح، ودينه فلاح، وأمره نجاح، وقرنه نطّاح، ذلّت له البطاح، ما ينفع الصياح، لو وقع الذباح، وسلّت الصفاح، ومدّت الرماح، قال: ثم قامت فانصرفت ووقع كلامها في قلبى، وجعلت أفكر فيه، وذكر بعد ذلك إسلامه وتزويجه رقية؛ فكان يقال: أنهما أحسن زوجين اتفاقا وجمالا.
[ومنها]
أن هندا بنت عتبة بن ربيعة كانت عند الفاكه بن المغيرة، وكان من فتيان قريش، وكان له بيت الضيافة، خارجا من البيوت، تغشاه الناس من غير إذن؛ فخلا البيت ذات يوم واضطجع هو وهند فيه، ثم نهض لبعض حاجته، وأقبل رجل ممن كان يغشى البيت فولجه، فلما رآها ولّى هاربا وأبصره الفاكه فأقبل اليها فضربها برجله وقال لها: من هذا الذى خرج من عندك؟ قالت: ما رأيت أحدا، ولا انتبهت حتى أنبهتنى! فقال لها: ارجعى الى أبيك، وتكلّم النتاء فيها، فقال لها أبوها: يا بنيّة! إن الناس قد أكثروا فيك، فأنبئينى نبأك، فإن يكن الرجل عليك صادقا دسست عليه من يقتله، فتنقطع عنك المقالة، وإن يك كاذبا حاكمته الى بعض الكهّان، فقالت: لا والله! ما هو علىّ بصادق؛ فقال له: يا فاكه! إنك قد رميت ابنتى بأمر عظيم، فحاكمنى الى بعض كهّان اليمن؛ فخرج للفاكه في جماعة من بنى مخزوم، وخرج عتبة في جماعة من بنى عبد مناف، ومعهم هند ونسوة، فلما شارفوا البلاد، وقالوا: غدا نرد على الرجل، تنكّرت حال هند، فقال لها عتبة: إنى أرى