للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر بناء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيوته بالمدينة]

قال محمد بن سعد عن محمد بن عمر بن واقد قال: حدّثنى معمر بن راشد عن الزهرىّ قال: بركت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موضع المسجد، وهو يومئذ يصلى فيه رجال من المسلمين، وكان مربدا لسهل وسهيل غلامين يتيمين من الأنصار، وكانا فى حجر أبى أمامة أسعد بن زرارة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغلامين فساومهما بالمربد ليتّخذه مسجدا فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى صلى الله عليه وسلم حتى ابتاعه منهما. قال ابن سعد: وقال غير معمر عن الزهرى: فابتاعه بعشرة دنانير، وأمر أبا بكر أن يعطيهما ذلك، فكان جدارا مجدّرا ليس عليه سقف، وقبلته إلى بيت المقدس، وكان أسعد بن زرارة بناه، فكان يصلى بأصحابه فيه، ويجمّع بهم فيه الجمعة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنخل الذى بالحديقة وبالغرقد الذى فيه أن تقطع، وأمر باللبن فضرب، وكان فى المربد قبور جاهلية فأمر بها فنبشت، وبالعظام أن تغيّب، وكان فى المربد ماء مستنجل «١» فسيّروه حتى ذهب، فأسّس رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وأسسوا معه، فجعلوا طوله مما يلى القبلة إلى مؤخّره مائة ذراع، وفى هذين الجانبين مثل ذلك فهو مربّع، ويقال: كان أقل من المائة، وجعلوا الأساس قريبا من ثلاثة أذرع على الأرض بالحجارة؛ ثم بنوه باللّبن، وبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وجعل ينقل الحجارة معهم بنفسه، ويقول: «اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرين، اللهم ارحم المهاجرين والأنصار» قال: وقال قائل من المسلمين يرتجز:

لئن قعدنا والنبىّ يعمل ... لذاك منّا العمل المضلّل