وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منزل أبى أيوب زيد بن حارثة، وأبا رافع، وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم، فقدما إلى مكة لفاطمة وأم كلثوم عليهما السلام ابنتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسودة بنت زمعة زوجته، وأسامة بن زيد، وحمل زيد بن خارثة امرأته أمّ أيمن مع ابنها أسامة بن زيد، وخرج عبد الله بن أبى بكر معهم بعيال أبى بكر فيهم عائشة، فقدموا المدينة فأنزلهم فى بيت حارثة بن النعمان، وكانت رقيّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحبشة مع زوجها عثمان بن عفان. قال ابن إسحاق بسنده إلى أبى أيوب قال: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيتى نزل فى السّفل، وأنا وأم أيوب فى العلو، فقلت له: يا نبىّ الله، بأبى أنت وأمى، إنى أكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتى، فاظهر أنت وكن فى العلو، وننزل نحن ونكون فى السّفل، فقال:
«يا أبا أيوب، إنّ أرفق بنا ومن يغشانا أن نكون فى سفل البيت» ، قال: فلقد انكسر حبّ «١» لنا فيه ماء، فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا ما لنا لحاف غيرها، ننّشف بها الماء؛ تخوّفا أن يقطر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيؤذيه، قال:
وكنا نصنع له العشاء ثم نبعث به إليه، فإذا ردّ علينا فضله تيمّمت أنا وأم أيوب موضع يده فأكلنا منه، نبتغى بذلك البركة حتى بعثنا إليه ليلة بعشائه، وقد جعلنا له فيه بصلا أو ثوما، قال: فردّه ولم أر ليده فيه أثرا، فجئته فزعا، فقلت: يا رسول الله بأبى أنت وأمى، رددت عشاءك ولم أر فيه موضع يدك؟ فكنت إذا رددته علينا تيممت أنا وأم أيوب موضع يدك للبركة، قال:«فإنى وجدت فيه ريح هذه الشجرة، وأنا رجل أناجى «٢» فأما أنتم فكلوه» ، فأكلناه ولم نصنع له تلك الشجرة.