فلما قارب الأجل تقدّم السلطان إلى الشّقيف، واستدعى أرناط وقد بقى من الأجل ثلاثة أيّام، فجاءه، فتحدّث معه فى تسليم الحصن، فاعتذر بأولاده وأهله وأنّ المركيس لم يمكّنهم من المجىء إليه، وطلب المهلة مدّة أخرى. فحينئذ تحقق السّلطان مكره وخداعه، فأخذه وحبسه، وأمره بتسليم الشقيف فطلب قسّيسا وحمّله رسالة سرّا، وأظهر أنّه أمره بتسليمه؛ فامتنع من بالحصن من تسليمه: فسرّ أرناط إلى دمشق وسجنه، وتقدّم إلى الشّقيف وضيّق على من به، وترك عليه من يحفظه ويمنع من الوصول إليه. فتسلّمه فى يوم الأحد خامس عشر شهر ربيع الأول سنة ستّ وثمانين، وأطلق صاحبه «١» .
[ذكر مسير السلطان من مرج عيون إلى صور وما كان عليها من الوقائع]
قال: وجاءت السّلطان كتب أصحابه الذين جعلهم يزكا «٢» فى مقابلة الفرنج على مدينة صور يخبرونه أنّ الفرنج قد اجتمعوا على عبور الجسر الذى لصور، وعزموا على حصار صيدا. فسار جريدة فى شجعان أصحابه، فوصل إليهم بعد أن كانت الوقعة بين الفرنج وبين اليزك.
وذلك أن الفرنج خرجوا من مدينة صور، فلقيهم اليزك على مضيق وقاتلوهم ومنعوهم، وكانت حربا شديدة، وأسر من الفرنج جماعة، منهم سبعة رجال من فرسانهم المشهورين، وقتل من المسلمين