للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان قديما كالح الوجه عابسا ... فلما رأى منها السفور تبسّما

فإن يصب قلب العنبرىّ فقبله ... صبا باليتامى قلب يحيى بن أكثما

فبلغ قوله يحيى بن أكثم؛ فكتب إليه: عليك لعنة الله! أىّ شىء أردت منّى حتى أتانى شرّك من البصرة! فقال لرسوله: قل له: متيّم أقعدتك على طريق القافية.

[ذكر أخبار ساجى جارية عبيد الله بن عبد الله بن طاهر]

قال أبو الفرج: كانت ساجى إحدى المحسنات المبرّزات المتقدّمات، وهى تخريج مولاها عبيد الله. وكان مهما صنع من الغناء نسبه إليها، وكان قد بلغ من ذلك الغاية، ولكنه كان يترفّع عن ذكره ويكره أن ينسب إليه.

حكى أبو الفرج عن أحمد بن جعفر جحظة قال: كتب المعتضد إلى عبيد الله ابن عبد الله بقمّ [١] أن يأمر جاريته ساجى بزيارته ففعل. قال جحظة: فحدّثنى من حضر ذلك المجلس من المغنيّات قالت: دخلت علينا وما فينا إلا من ترفل فى الحلىّ والحلل وهى فى أثواب ليست كأثوا بنا فاحتقرناها؛ فلما غنّت احتقرنا أنفسنا؛ ولم تزل تلك حالنا حتى صارت فى أعيننا كالجبل وصرنا كلا شىء. ولمّا انصرفت أمر لها المعتضد بمال وكسوة. ودخلت إلى مولاها فجعل يسألها عن خبرها وما رأت مما استظرفت وسمعت واستغربت؛ فقالت: ما استحسنت هناك شيئا ولا استغربته من غناء ولا غيره إلّا عودا من عود محفورا فإنى استظرفته.

قال جحظة: فما قولك فيمن تدخل إلى دار الخليفة ولا تمدّ عينها إلى شىء تستظرفه وتستحسنه إلّا عودا!


[١] قم: مدينة كبيرة بين أصبهان وساوة.