للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخر:

رأيت العقل لم يكن انتهابا ... ولم يقسم على عدد السّنينا

ولو أنّ السنين تقسّمته ... حوى الآباء أنصبة البنينا

وقال آخر:

أدركت ما فات الكهول من الحجا ... فى عنفوان شبابك المستقبل

فإذا أمرت فلا يقال لك: اتّئد ... وإذا قضيت فلا يقال لك: اعدل

[ذكر ما قيل فيمن نهى عن مشاورته ومعاضدته وأمر بالامتناع من مشايعته ومتابعته]

وقد كرهت العرب والحكماء مشاورة من اعترته الشواغل، وألمّت به النوازل؛ مع وفور عقله وحزمه، والتمسّك بنصحه وفهمه.

قال قسّ بن ساعدة الإيادىّ لابنه: لا تشاور مشغولا وإن كان حازما، ولا جائعا وإن كان فهما، ولا مذعورا وإن كان ناصحا، ولا مهموما وإن كان عاقلا، فالهمّ يعقل العقل فلا يتولّد منه رأى ولا تصدق به رويّة.

وقال الأحنف بن قيس: لا تشاور الجائع حتّى يشبع، ولا العطشان حتى يروى، ولا الأسير حتّى يطلق، ولا المقلّ حتى يجد، ولا الراغب حتّى ينجح.

وقالوا: لا تشاور المعزول، فإنّ رأيه مفلول.

وقيل: لا تدخل فى مشورتك بخيلا فيقصّر بفعلك، ولا جبانا فيخوّفك، ولا حريصا فيعدك ما لا يرجى؛ فإنّ البخل والجبن والحرص طبيعة واحدة يجمعها سوء الظنّ بالله. قال الشاعر

وأنفع من شاورت من كان ناصحا ... شفيقا فأبصر بعدها من تشاور

وليس بشافيك الشفيق ورأيه ... عزيب ولا ذو الرأى والصدر واغر