للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر خبر نزول العذاب على قوم لوط وقلب المدائن]

قد ذكرنا فى قصّة إبراهيم أن الله- عزّ وجلّ- أرسل الملائكة إليه وبشّروه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، وأخبروه بما أمرهم الله به من إهلاك قوم لوط، وقال لهم: امضوا حيث تؤمرون.

فاستووا على خيولهم. وساروا إلى المدائن وهم على صفة البشر، فأتوا المدائن وقت المساء، فرأتهم ابنة لوط- وهى الكبرى من بناته وهى تستقى الماء- فتقدّمت إليهم وقالت: ما لكم تدخلون على قوم فاسقين؟ ليس يضيفكم إلّا ذلك الشيخ. فعدلت الملائكة إلى لوط، فلما رآهم اغتمّ غمّا شديدا مخافة عليهم من شرّ قومه، ثم قال لهم: من أين أقبلتم؟ قالوا: من موضع بعيد، وقد حللنا بساحتك، فهل لك أن تضيفنا الليلة؟ قال: نعم، ولكن أخاف عليكم من هؤلاء الفاسقين- عليهم لعنة الله- قال جبريل لإسرافيل: هذه واحدة- وكان الله قد أمرهم ألّا يدمّروا على قومه إلّا بعد أربع شهادات من لوط ولعنته عليهم- ثم أقبلوا إليه وقالوا: يا لوط، قد أقبل علينا الليل، فاعمل على حسب ذلك.

قال: قد أخبرتكم بأنّ قومى يأتون الرجال من العالمين- عليهم لعنة الله- فقال جبريل لإسرافيل: هذه ثانية. ثم قال لهم لوط: انزلوا عن دوابّكم واجلسوا هاهنا حتى يشتدّ الظلام، وتدخلون ولا يشعر بكم أحد منهم- عليهم لعنة الله- قال جبريل: هذه ثالثة. ثم مضى لوط والملائكة وراءه، فدخل المنزل، وأغلق الباب، وقال لامرأته: إنك قد عصيت الله أربعين سنة وهؤلاء ضيفانى قد ملأوا قلبى خوفا، فاكتمى علىّ أمرهم حتى يغفر الله لك ما مضى. قالت: نعم. ثم خرجت وبيدها سراج كأنها تشعل، فطافت على عدّة