[والثانى أن تعتمد لوازمه عند ما تكون جهة الاشتراك وصفا،]
وإنما ثبت كماله فى المستعار منه بواسطة شىء آخر فتثبت ذلك الشىء للمستعار له مبالغة فى إثبات المشترك، كقول لبيد:
وغداة ريح قد كشفت وقرّة «١» ... إذ أصبحت بيد الشمال زمامها
وليس هناك مشار اليه يمكن أن يجرى اسم اليد عليه كما جرى الأسد على الرجل لكنّه خيّل الى نفسه أن الشمال فى تصريف الغداة على حكم طبيعة الإنسان المتصرّف فيما زمامه ومقادته بيده، لأن تصرف الإنسان إنما يكون باليد فى أكثر الأمور فاليد كالآلة التى تكمل بها القوّة على التصرف، ولما كان الغرض إثبات التصرف- وذلك مما لا يكمل إلا عند ثبوت اليد- أثبت اليد «٢» للشمال تحقيقا للغرض، وحكم الزمام فى استعارته للغداة حكم اليد فى استعارتها للشمال، وكذلك قول تأبّط شرّا:
اذا هزّه فى عظم قرن تهلّلت ... نواجذ «٣» أفواه المنايا الضواحك
لمّا شبّه المنايا عند هزّة السيف بالمسرور- وكمال الفرح والسرور إنما يظهر بالضحك الذى تتهلّل فيه النواجذ- أثبته تحقيقا للوصف المقصود، وإلّا فليس للمنايا ما ينقل اليه اسم النواجذ، وهكذا الكلام فى قول الحماسىّ:
سقاه الردى سيف إذا سلّ أو مضت ... إليه ثنايا الموت من كلّ مرقب