وفى سنة [٩١ هـ] إحدى وتسعين سار قتيبة إلى شومان فحصرها، وكان سبب ذلك أنّ ملكها طرد عامل قتيبة من عنده، فأرسل إليه قتيبة رسولين: أحدهما من العرب اسمه عيّاش، والآخر من أهل خراسان يدعوانه «١» إلى أن يؤدّى ما كان صالح عليه، فقدما شومان، فخرج أهلها إليهما، فرموهما. فانصرف الخراسانىّ وقاتلهم عيّاش فقتلوه، ووجدوا به ستّين جراحة، وبلغ قتيبة قتله، فسار إليهم بنفسه، فلما أتاها أرسل صالح بن مسلم أخو قتيبة إلى ملكها، وكان صديقا له، يأمره بالطاعة، ويضمن له رضا قتيبة إن رجع إلى الصلح، فأبى وقال لرسول صالح: أتخوّفنى من قتيبة وأنا أمنع الملوك حصنا؟ فأتاه قتيبة وقد تحصّن ببلده فنصب «٢» عليه المجانيق، ورمى الحصن فهشمه، فلما خاف الملك أن يظهر قتيبة عليه جمع ما كان بالحصن من مال وجوهر، ورمى به فى بئر فى القلعة لا يدرك قعرها، ثم فتح القلعة، وخرج، فقاتل حتى قتل، وأخذ قتيبة القلعة عنوة، فقتل المقاتلة وسبى الذريّة، ثم سار إلى كشّ ونسف، ثم سار إلى بخارى.
وقيل: إنه سار إلى الصّغد، فلما رجع عنهم قالت الصّغد لطرخون: إنك قد رضيت بالذّل واستطبت الجزية، وأنت شيخ كبير، فلا حاجة لنا فيك. فحبسوه وولوا غورك «٣» فقتل طرخون نفسه.