من الورثة الأسديّة بسبعمائة درهم؛ فلمّا مات وانتقل بعض ميراثه إلى السلطان الملك النّاصر «١» بالولاء الشّرعى. وكنت أباشر ديوانه بالشام، حصّلت من مغلّ هذه البلدة فى سنة إحدى وسبعمائة ما أبيع بنيّف وعشرين ألف درهم. فانظر إلى هذا التّفاوت العظيم.
ذكر غزوات الملك النّاصر وما افتتحه من بلاد الفرنج
وقد رأيت أن أفرد غزوات الملك النّاصر وفتوحاته ونكاياته فى الفرنج، ولا أضمّ ذلك إلى غيره من أخباره، لأنّ فيه ما يدلّ على قوّة الإسلام، وأنّ الله تعالى لم يزل يؤيّد هذا الدّين من عباده بمن يناضل عنه، ويحمى حوزته، ويذب عن أهله، ويستأصل شأفة عدوهم.
ونذكر ذلك على التّرتيب.
فكان أول ذلك وصول الفرنج إلى ثغر دمياط ورجوعهم عنه.
كان وصول الفرنج، خذلهم الله تعالى، إلى ثغر دمياط فى صفر سنة خمس وستين وخمسمائة، [١١٩] فحاصروا الثّغر. وكان سبب ذلك أنّ أسد الدّين شيركوه لمّا ولى الوزارة للخليفة العاضد لدين الله خافه فرنج السّاحل، فكاتبوا أهل صقليّة والأندلس من الفرنج يستمدّونهم ويخبرونهم أن أسد الدّين قد ملك الدّيار المصرية، وأنهم لا يأمنونه على البيت المقدّس. فأمدّوهم بالمال والرّجال والسّلاح، فنازلوا دمياط وضيّقوا على أهلها. فأرسل الملك النّاصر إليهم العساكر برّا وبحرا، وكتب إلى الملك العادل نور الدّين الشّهيد بذلك، ويعرّفه «٢»