للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر انهزام عسكر سيف الدين غازى من الملك الناصر وحصره حلب ثانيا]

قال المؤرخ. كان الملك الصّالح كتب إلى عمه سيف الدّين غازى يستنجده على قتال صلاح الدّين ودفعه فجهّز العسكر صحبة أخيه عزّ الدين مسعود، وتأخّر هو لما وقع بينه وبين أخيه عماد الدّين من الاختلاف الذى قدمناه فى أخبار الدولة الأتابكية «١» فسارت العساكر السّيفيّة، واجتمع معها العسكر الحلبىّ، وساروا كلّهم لقتال الملك النّاصر فأرسل إلى سيف الدّين يبذل له تسليم حمص وحماة وأن يقرّ بيده مدينة دمشق نيابة عن الملك الصالح؛ فلم يجب إلى ذلك وقال:

لا بدّ من تسليم جميع ما أخذه من بلاد الشام ويعود إلى مصر.

فلما امتنع سيف الدّين من إجابته تجهّز عند ذلك للقاء عزّ الدين مسعود ومن معه وقتالهم، فالتقوا فى تاسع عشر شهر رمضان بقرون حماة «٢» ، فلم تثبت عساكر سيف الدّين وانهزموا لا يلوى بعضهم على بعض. وتبعهم الملك النّاصر وغنم معسكرهم، ووصل إلى حلب وحاصرها، وقطع خطبة الملك الصالح، وأزال اسمه.

فلمّا طال الحصار على من بحلب راسلوه فى الصلح على أن يكون له ما بيده من بلاد الشّام ولهم ما بأيديهم منها؛ فأجابهم إلى ذلك، وانتظم الصّلح. فرحل عن حلب فى العشر الأول من شوال ووصل إلى حماة، ووصلت إليه بها رسل الخليفة المستضىء بنور الله، ومعهم الخلع والأعلام السّود وتوقيع من الدّيوان العزيز بالسّلطنة ببلاد مصر والشام.