يحضر ما استطاع، قال: فأين تنزل؟ قال: حيث أضع قدمى، قال: ابن من أنت» قال ابن أبى وأمى، قال: فكم أتى عليك؟ قال: ليال وأيام، والله أعلم بعدها، قال: هيهات، أعيت فيك حيلتى، ما اتعب بعد اليوم أبدا.
[ذكر ما قيل في الوفاء والمحافظة والأمانة]
قال الله عزّوجلّ:(وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا)
. وقال تعالى:
(وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) .
وقال تعالى:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها)
. وقال تعالى:(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) .*
وروى: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لأبى بكر الصدّيق رضى الله عنه:
عليك بصدق الحديث، ووفاء العهد، وحفظ الأمانة، فإنها وصيّة الأنبياء.
كان أبو العاص بن الربيع بن عبد العزّى بن عبد شمس، ختن «١» رسول الله صلّى الله عليه وسلم على ابنته زينب، تاجرا تضاربه قريش بأموالهم، فخرج الى الشام سنة الهجرة، فلما قدم، عرض له المسلمون، وأسروه، وأخذوا ما معه، وقدموا به المدينة ليلا، فلما وصلوا الفجر، قامت زينب على باب المسجد، فقالت:
يا رسول الله، قد أجرت أبا العاص وامعه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
قد أجرنا من أجرت ودفع اليه ما أخذوه منه، وعرض عليه الإسلام، فأبى، وخرج الى مكّة، ودعا قريشا، فأطعمهم، ثم دفع اليهم أموالهم، ثم قال: هل وفيت؟
قالوا: نعم، قد أدّيت الأمانة ووفيت، قال: اشهدوا جميعا، إنى أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وما منعنى أن أسلم إلا أن يقولوا: أخذ أموالنا، ثمّ هاجر، فأقرّه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على النكاح، وتوفّى في سنة اثنتى عشرة.