فقال: ما صدق قائله، قلت: ثمّ ماذا؟ قال: ما استحسنه سامعه، قلت: ثمّ ماذا؟
قال: كل كلام جاوز هذا فهو ونهيق الحمار بمنزله.
وقال الأحنف لابنه: يا بنىّ، يكفيك من شرف الصدق، أن الصادق يقبل قوله في عدوّه، ومن دناءة الكذب، أن الكاذب لا يقبل قوله في صديقه ولا عدوّه، لكلّ شىء حلية، وحلية المنطق الصدق يدل على اعتدال وزن العقل.
قال عامر بن الظّرب العدوانىّ في وصيّته: إنى وجدت صدق الحديث طرفا من الغيب فاصدقوا، من لزم الصدق وعوّده لسانه، فلا يكاد يتكلّم بشىء يظنّه، إلا جاء على ظنّه.
وقالوا: ما السيف الصارم، فى كفّ الشجاع، بأعزّ من الصدق.
وقيل: مرّ عمر بن الخطاب رضى الله عنه، بعجوز تبيع اللبن، فقال لها: يا عجوز، لا تغشّى المسلمين، ولا تشوبى لبنك بالماء، قالت: نعم يا أمير المؤمنين، ثم مرّ بها بعد ذلك، فقال يا عجوز، ألم أعهد إليك أن لا تشوبى لبنك بالماء؟ فقالت:
والله ما فعلت يا أمير المؤمنين، فتكلّمت بنت لها من داخل الخباء، فقالت: يا أمّاه، أغشّا وحنثا جمعت على نفسك؟ فسمعها عمر فأعجبته، فقال لولده: أيّكم يتزوّجها؟
فلعلّ الله أن يخرج منها نسمة طيّبة، فقال ابنه عاصم: أنا أتزوّجها يا أمير المؤمنين، فزوّجها منه، فأولدها أمّ عاصم، تزوّجها عبد العزيز بن مروان فأولدها عمر ابن عبد العزيز.
وروى أنّ بلالا لم يكذب منذ أسلم، فبلغ ذلك بعض من يحسده، فقال: اليوم أكذبه فسايره، فقال له: يا بلال ما سنّ فرسك؟ قال عظم، قال: فما جريه؟ قال: