إلى «١» ] مدحها بتلك الكلمتين؛ ليخلطوا تلاوة النبىّ صلى الله عليه وسلم ويشغبوا عليه على عادتهم، وقولهم:(لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)
«٢» ، ونسب هذا الفعل إلى الشيطان لحمله لهم عليه، وأشاعوا ذلك وأذاعوه، وأنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم حزن لذلك من كذبهم وافترائهم عليه، فسلّاه الله تعالى بقوله:
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) *
«٣» الآية، وبين للناس الحقّ من ذلك من الباطل، وحفظ القرآن وأحكم آياته، ودفع ما لبّس به العدوّ؛ كما ضمنه الله تعالى من قوله:(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)
«٤» الآية، هذا ما ورد فى الجواب عن هذا الحديث.
فلنرجع إلى تتمة أخباره وسيره صلى الله عليه وسلّم تسليما كثيرا.
[ذكر الهجرة الثانية إلى أرض الحبشة ومن هاجر إليها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم]
قال الواقدىّ: لما قدم أصحاب النبىّ صلى الله عليه وسلم من الهجرة الأولى اشتدّ عليهم قومهم، ونيطت بهم عشائرهم، ولقوا منهم أذى شديدا، فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الخروج إلى أرض الحبشة مرة ثانية، فقال عثمان بن عفان: يا رسول الله؛ فهجرتنا الأولى، وهذه الآخرة إلى النجاشىّ ولست معنا، فقال صلى الله عليه وسلم: أنتم مهاجرون إلى الله وإلىّ، لكم هاتان الهجرتان جميعا، قال عثمان: فحسبنا يا رسول الله.
قال ابن سعد: وكان عدّة من خرج فى هذه الهجرة من الرجال ثلاثة وثمانون ومن النساء إحدى عشرة امرأة قرشية، وسبع غرائب. وقد عدّهم أبو محمد عبد الملك بن هشام حسبما رواه عن محمد بن إسحاق بن يسار- رحمهم الله تعالى-