«١» الآية، فمعنى (تمنى) تلا، قال الله تعالى:(لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ)
«٢» أى تلاوة، وقوله:(فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ)
«٣» أى يذهبه ويزيل اللبس به، ويحكم آياته، قال: ومما يظهر فى تأويله أيضا أن مجاهدا روى هذه القصة: «والغرانقة العلا» . فإن سلمنا القصة قلنا:
لا يبعد أنّ هذا كان قرآنا، والمراد بالغرانقة العلا، وأن شفاعتهنّ لترتجى:
الملائكة على هذه الرواية، وبهذا فسر الكلبىّ الغرانقة أنها الملائكة، وذلك أن الكفار كانوا يعتقدون الأوثان والملائكة بنات الله، كما حكى الله عنهم وردّ عليهم فى هذه السورة بقوله:(أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى)
«٤» ، فأنكر الله كل هذا من قولهم؛ ورجاء الشفاعة من الملائكة صحيح، فلما تأوّله المشركون على أن المراد بهذا الذكر آلهتهم، ولبّس عليهم الشيطان ذلك، وزينه فى قلوبهم، وألقاه إليهم؛ نسخ الله ما ألقى الشيطان وأحكم آياته، ورفع تلاوة تلك اللفظتين اللتين وجد الشيطان بهما للتلبيس سبيلا، كما نسخ كثيرا من القرآن ورفعت تلاوته. قال: وكان فى إنزال الله تعالى لذلك حكمة، وفى نسخه حكمة، ليضلّ به من يشاء، ويهدى من يشاء وما يضل به إلا الفاسقين، و (لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ. وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ)
«٥» .
وقيل: إنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم لما قرأ هذه السورة [وبلغ إلى ذكر اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، خاف الكفار أن يأتى بشىء من ذمّها، فسبقوا