للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها ما ذكره القاضى أبو بكر فى أجوبته عن هذا الحديث، قال:

لعل النبىّ صلى الله عليه وسلم قال ذلك أثناء تلاوته؛ على تقدير التقرير والتوبيخ للكفار، لقول إبراهيم عليه السلام: (هذا رَبِّي)

«١» على أحد التأويلات، يريد: أهذا ربّى؟! ولقوله: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا)

«٢» بعد السكت وبيان الفصل بين الكلامين، ثم رجع إلى تلاوته، وهذا ممكن مع بيان الفصل وقرينة تدل على المراد، وأنه ليس من المتلوّ. قال القاضى عياض: ولا يعترض على هذا بما روى أنه كان فى الصلاة، فقد كان الكلام فيها قبل [غير «٣» ] ممنوع، قال: والذى يظهر ويترجح فى تأويله عند القاضى أبى بكر، وعند غيره من المحققين على تسليمه، أن النبى صلى الله عليه وسلم كان كما أمره ربّه يرتّل القرآن ترتيلا، ويفصّل الآى تفصيلا فى قراءته، كما رواه الثقات عنه، فيمكن ترصد الشيطان لتلك السكتات ودسّه فيها ما اختلقه من تلك الكلمات محاكيا نغمة النبى صلى الله عليه وسلم بحيث يسمعه من دنا إليه من الكفار، فظنوها من قول النبى صلى الله عليه وسلم وأشاعوها، ولم يقدح ذلك عند المسلمين لحفظ السورة قبل ذلك على ما أنزلها الله تعالى، وتحقّقهم من حال النبى صلى الله عليه وسلم فى ذمّ الأوثان وعيبها ما عرف منه. وقد حكى موسى بن عقبة فى مغازيه نحو هذا، وقال:

إن المسلمين لم يسمعوها، وإنما ألقى الشيطان ذلك فى أسماع المشركين وقلوبهم.

قال القاضى عياض: ويكون ما روى من حزن النبى صلى الله عليه وسلم لهذه الإشاعة والشبهة، وقد قال الله تعالى: (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ