حتى انتقع «١» لونه، فجاءه جبريل عليه السلام فسكّنه، فقال: خفّض عليك يا رسول الله، وجاءه من الله بجواب ما سألوه عنه:(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)
«٢» ، فلما تلاها عليهم قالوا: فصف لنا كيف خلقه؟ كيف ذراعه؟ كيف عضده؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد من غضبه الأول، فأتاه جبريل فقال له مثل ما قال له أول مرة، وجاءه من الله بجواب ما سألوه فقال:(وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)
«٣» ، وكانت سؤالات يهود وعنتهم وبغيهم وتحريفهم وتبديلهم كثيرة؛ قد نطق بذلك كله القرآن، وجاء بالردّ عليهم وبتكذيبهم وتفريقهم، ثم سلط الله عليهم المسلمين، وحكّم فيهم سيوفهم فقتلوهم وأجلوهم واستأصلوا شأفتهم، وأسروا وسبوا منهم، على ما نذكر ذلك إن شاء الله تعالى فى الغزوات والسرايا، فلما أيسوا وأبلسوا عمدوا إلى تخيّلات أخر من السّحر والسّم.
[ذكر ما ورد من أن يهود سحروا رسول الله صلى الله عليه وسلم]
قالوا: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة الحديبية سنة ست من مهاجره، ودخل المحرم سنة سبع، جاءت رؤساء يهود الذين بقوا بالمدينة ممن يظهر الإسلام وهو منافق، إلى لبيد بن الأعصم اليهودىّ حليف بنى زريق، وكان ساحرا، قد علمت ذلك يهود أنه أعلمهم بالسّحر وبالسّموم، فقالوا له: يا أبا الأعصم أنت أسحر منا، وقد سحرنا محمدا، فسحره منا الرجال والنساء فلم نصنع شيئا، وأنت