وفى سنة ثلاث وعشرين ملك عماد الدين زنكى مدينة حماة.
وسبب ذلك أنه أظهر أنه يريد جهاد الفرنج، وأرسل إليه تاج الملوك بورى بن أتابك طغرتكين صاحب دمشق يستنجده، ويطلب منه معونته على جهاد الفرنج، وكانوا قد حصروا دمشق. فأجاب إلى ذلك وجرّد تاج الملوك عسكرا من دمشق، وأرسل إلى ابنه سونج وهو بمدينة حماه يأمره بالنزول إلى العسكر والمسير به إلى زنكى. ففعل وساروا جميعهم فوصلوا إليه، فأكرمهم وأحسن لقاءهم، وتركهم أياما، ثم قبض على سونج بن تاج الملوك، وعلى جماعة من الأمراء والمقدمين، وأنهب خيامهم وما فيها واعتقلهم بحلب.
وسار من يومه إلى حماة، فوصل إليها وهى خالية من الجند فاستولى، عليها، ورحل عنها إلى حمص. وكان صاحبها خيرخان «١» بن قراجا فى عسكر عماد الدين، وهو الذى أشار عليه بالقبض على تاج الملوك، فقبض عليه أيضا. ونزل على حمص، وطلب منه أن يأمر أصحابه وولده بحمص بتسليمها، فأرسل إليهم فلم يفعلوا، فحصرها مدة طويلة، ثم رحل عنها وعاد إلى الموصل.