[لأن «١» ] قتل الجميع يدلّ على الوهن والقلّة فكملّه بأخذهم للثأر، وكمّل حسنه بقوله:
«حيث كان» فإنه أبلغ فى الشجاعة؛ ومن ذلك فى النسيب قول كثيّر:
لو أن عزة حاكمت شمس الضحى ... فى الحسن عند موفّق لقضى لها
لأن قوله: «عند موفق» تكميل للمعنى، إذ ليس كلّ من يحاكم إليه موفقا؛ ومنه قول المتنبىّ:
أشدّ من الرياح الهوج بطشا ... وأسرع فى الندى منها هبوبا.
وأما المناسبة-
فهى على ضربين: مناسبة فى المعنى، ومناسبة فى الألفاظ فالمعنويّة أن يبتدئ المتكلّم بمعنى، ثم يتمّم كلامه بما يناسبه معنى دون لفظ، كقوله تعالى: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ
فقال تعالى فى صدر الآية التى الموعظة فيها سمعيّة: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ
، وقال بعد ذكر الموعظة: أَفَلا يَسْمَعُونَ
وقال فى صدر الآية التى موعظتها مرئية: أَوَلَمْ يَرَوْا*
وقال بعد الموعظة:
أَفَلا يُبْصِرُونَ.
ومن أمثلة المناسبة المعنويّة قول المتنبىّ:
على سابح موج المنايا بنحره ... غداة كأنّ النّبل فى صدره وبل
فإنّ بين لفظة السّباحة ولفظتى الموج والوبل تناسبا صار البيت به متلاحما؛ وقول ابن رشيق:
أصحّ وأقوى ما رويناه فى الندى ... من الخبر المأثور منذ قديم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute